١٨ رمضان
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران: 159)
✨ *خلق الرحمة*
إن الرفق والرحمة من صفات الله تعالى، التي يحب من اتصف بهما من عباده، فالله هو الرفيق والرحيم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “جعل الله الرحمة في مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً، وأنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه” [رواه البخاري].
والرحمة هي صفة المؤمنين بينهم?
قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}
(الفتح: 29)
✨ *الراحمون يرحمُهم الرحمنُ*
فأفضل وسيلة للتقرب إليه أن ترحم عباده، فإذا رحِمتهم؛ وصلت إليه.
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “الراحمون يرحمُهم الرحمنُ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” [رواه الترمذي].?
ورحمة الناس بعضهم ببعض رحمة عامة وخاصة،
*عامة*: رحمة فطرة وجبلة، كرحمةِ الأم بابنها.
*خاصة*: يتخلقون بها فيثابونَ علَيها كرحمةِ الفقير والخادم.
قال العلماء: إنما الرحمة التامة أن تُفيض عطاءك على المُحتاج، أن تريد وأن تفعل حتى تُسمى رحيماً.
✨ *الرفق والرحمة في الدعوة*
إنّ الرفق والرحمة وسيلتان فَعَّالتان في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه وسيلة قد تحدث عنها كثير من العلماء؛ لأن لها تأثيرًا في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.?
قال أحدهم لأمير: سأعظكْ، وأغلظ عليك قال: ولمَ الغلظة يا أخي، لقد أرسل الله من هو خير منك إلى من هو شر مني، أرسل موسى إلى فرعون، قال له: {فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى} (طه: 44)
هذا القول لمن قال: أنا ربكم الأعلى، ولمن قال: ما علمت لكم من إله غيري، مع كل هذا: قولا له قولاً ليناً، فهذه هي أخلاق الدعوة.
✨ *رمضان شهر الرحمة*
إن أفضل وسيلةٍ للتقرب إلى الله تعالى أن تتعامل بالرحمة مع عباده، وفي رمضان تَهب نسائم رحمة الله على عباده، و تصفد الشياطين، ويسارع المؤمنون إلى اغتنام ذلك واستشعاره بالتخلق بالرحمة والحلم والرفق والأناة وذلك من آثار الصيام،?
قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلا يَرْفُثْ، وَلا يَجْهَلْ، فَإِنْ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ } [متفق عليه].
فشعيرةُ الصيام، ومضاعفة الحسنات في هذا الزمن الفضيل يدفع بالمسلم أن يشعر بإخوانه المحتاجين ويبادر إلى أن يكون عونا لهم، اقتداء بالحبيب الذي كان أجود ما يكون في رمضان.☘️
?ومما يجدر الانتباه إليه: الرحمة بالخدم الذين تكثر عليهم الأعمال في رمضان وهم صائمون، فلا هم يجدون وقتاً للنوم أو الراحة، أو الصلاة والعبادة، فلابد أن تظهر الرحمة على القريب قبل البعيد.
?
الرفق هو خُلق أساسه رحمة في القلب، والرحمة التي في القلب أساسها اتصالٌ بالرحيم.
?