قلب ينبض بالإيمان، قلب صالح..درب يصلح

You are reading

خطبة الحرم: الإيمان باليوم الآخر

المحتويات:

خطبة الحرم: الإيمان باليوم الآخر

مقتطفات من خطبة يوم الجمعة في الحرم المكي
خطب بها فضلية الشيخ د. بندر بليلة

٤ جمادى الآخرة ١٤٤٣

موضوع الخطبة: الإيمان باليوم الآخر

الخطبة الأولى:

  • أيها المؤمنون حقيقة مسلمة واعتقاد جازم وركيزة من ركائز الإيمان تلكم هي الإيمان باليوم الآخر، وهو الإيمان بكل ما أخبر به الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت، وما أعد الله للطائعين من ثواب، وللعاصين من عقاب، قال تعالى: {لَّیۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ} [سورة البقرة 177]، وقال: {وَمَن یَكۡفُرۡ بِٱللَّهِ وَمَلَـٰۤىِٕكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَـٰلَۢا بَعِیدًا} [سورة النساء 136]، وسأل جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال: «أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكِتابِهِ، ولِقائِهِ، ورُسُلِهِ، وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ الآخِرِ» أخرجه مسلم.
  • الإيمان باليوم الآخر يتبين به المؤمن الصادق المصدق من الكافر المكذب، إذ هو إيمان بالغيب وانطراح للشك والريب، قال تعالى: {الۤمۤ ۝ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱلۡكِتَـٰبُ لَا رَیۡبَۛ فِیهِۛ هُدࣰى لِّلۡمُتَّقِینَ ۝ ٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَیۡبِ وَیُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ} [سورة البقرة 1 – 3]، وحين أنكر المشركون اليوم الآخر وارتابوا فيه وقالوا {أَیَعِدُكُمۡ أَنَّكُمۡ إِذَا مِتُّمۡ وَكُنتُمۡ تُرَابࣰا وَعِظَـٰمًا أَنَّكُم مُّخۡرَجُونَ ۝ ۞ هَیۡهَاتَ هَیۡهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ۝ إِنۡ هِیَ إِلَّا حَیَاتُنَا ٱلدُّنۡیَا نَمُوتُ وَنَحۡیَا وَمَا نَحۡنُ بِمَبۡعُوثِینَ} [سورة المؤمنون 35 – 37]، رد عليهم الله تعالى وكشف ضلالهم وأقام عليهم الحجة بمجيء اليوم الآخر وبين الحكمة منه فقال سبحانه: {أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا خَلَقۡنَـٰكُمۡ عَبَثࣰا وَأَنَّكُمۡ إِلَیۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ ۝ فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡكَرِیمِ} [سورة المؤمنون 115 – 116].
  • عاب سبحانه وتعالى عليهم نسيانهم له وجزاهم على ذلك بنسيانه لهم ودخولهم النار وفقدهم النصير، قال تعالى: {وَقِیلَ ٱلۡیَوۡمَ نَنسَىٰكُمۡ كَمَا نَسِیتُمۡ لِقَاۤءَ یَوۡمِكُمۡ هَـٰذَا وَمَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّـٰصِرِینَ} [سورة الجاثية 34].
  • عباد الله لقد كان من مهام الرسل مع أقوامهم دعوتهم إلى الإيمان باليوم الآخر، وبيان أحواله وأهواله، ذلك أن تذكره أمارة خير وهدى، والغفلة عنه نذير سوء وردى،
  • إن أول قدم يضعها العبد في ميدان اليوم الآخر هي بموته ثم قبره، وفي القبر الافتتان والامتحان فيكرم أو يهان، يوفق المؤمن ويكرم، ويخذل الكافر ويُجرم،
    في القبر النعيم أو العذاب وبعده البعث وقيام الساعة، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، وتعاد الأرواح إلى الأجساد وتتشقق الأرض عنهم كما تتشقق عن النبات، قال تعالى: {یَوۡمَ تَشَقَّقُ ٱلۡأَرۡضُ عَنۡهُمۡ سِرَاعࣰاۚ ذَ ٰ⁠لِكَ حَشۡرٌ عَلَیۡنَا یَسِیرࣱ} [سورة ق 44]، {وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦۤ أَنَّكَ تَرَى ٱلۡأَرۡضَ خَـٰشِعَةࣰ فَإِذَاۤ أَنزَلۡنَا عَلَیۡهَا ٱلۡمَاۤءَ ٱهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡۚ إِنَّ ٱلَّذِیۤ أَحۡیَاهَا لَمُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰۤ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ} [سورة فصلت 39].
  • فإذا كان ذلك قامت القيامة الكبرى وخرج الناس من قبورهم لرب العالمين حفاةً عراةً غرلاً، فتندو منهم الشمس ويغشاهم العرق، وتنصب الموازين لوزن الأعمال فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك هم الخاسرون.
  • وتنشر صحائف الأعمال فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله أو وراء ظهره، قال تعالى: {وَكُلَّ إِنسَـٰنٍ أَلۡزَمۡنَـٰهُ طَـٰۤىِٕرَهُۥ فِی عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ كِتَـٰبࣰا یَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا ۝ ٱقۡرَأۡ كِتَـٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡیَوۡمَ عَلَیۡكَ حَسِیبࣰا} [سورة الإسراء 13 – 14]،
  • ثم يحاسب الله الخلق ويخلو بعبده المؤمن فيقرره بذنوبه ويقر بها وهو يرجو رحمة الله، وأما الكافر والمنافق فربما أقر بها وربما جادل عنها إلا أنه سبحانه ينطق عنه السمع والبصر والحوار بما اقترف واجترح، قال تعالى: {وَقَالُوا۟ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَیۡنَاۖ قَالُوۤا۟ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِیۤ أَنطَقَ كُلَّ شَیۡءࣲۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةࣲ وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ ۝ وَمَا كُنتُمۡ تَسۡتَتِرُونَ أَن یَشۡهَدَ عَلَیۡكُمۡ سَمۡعُكُمۡ وَلَاۤ أَبۡصَـٰرُكُمۡ وَلَا جُلُودُكُمۡ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَا یَعۡلَمُ كَثِیرࣰا مِّمَّا تَعۡمَلُونَ ۝ وَذَ ٰ⁠لِكُمۡ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِی ظَنَنتُم بِرَبِّكُمۡ أَرۡدَىٰكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم مِّنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ ۝ فَإِن یَصۡبِرُوا۟ فَٱلنَّارُ مَثۡوࣰى لَّهُمۡۖ وَإِن یَسۡتَعۡتِبُوا۟ فَمَا هُم مِّنَ ٱلۡمُعۡتَبِینَ} [سورة فصلت 21 – 24]، ثم ترفع لهم النار فيحشرون إليها ويتساقطون فيها.
  • وأما المؤمنون فيتأخروا ليردوا الحوض الكريم، حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، وآنيته عدد نجوم السماء، طوله شهر وعرضه شهر، من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً.
  • ثم يوافيهم الصراط المنصوب بين الجنة والنار، يعبرونه على قدر أعمالهم، يتقدمهم الأنبياء والمرسلون وهم يقولون لهوله وشدته اللهم سلم سلم، ثم يوفقون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض فإذا هُذبوا ونُقوا دخلوا الجنة وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين.

الخطبة الثانية:

  • اتقوا الله عباد الله واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون،
  • إن الإيمان باليوم الآخر وأهواله وأحوال يورث العبد صلاحاً في عمله، وزكاءً في نفسه، واستقامةً في سيرته، فلا يرتكب المحرمات ولا يقارف الموبقات، ولا يفرط في سعادته الأبدية الأخروية ويستبدل بها أدنى ما يكون من لذة كسحابة صيف أو خيال طيف.
    خطبة الحرم: تقوى الله تعالى
  • إن الدنيا في إدبار، والآخرة في إقبال، وإن أسمى غاية يطمع إليها المؤمن أن يثقل ميزانه في اليوم الآخر، وحينها تزف إليه البشرى ثم المصير إلى دار الخلد والعمل بمنة الجواد البر الكريم.

من منتجاتنا

No data was found